وطني
وطني! يعلّمني حديدُ سـلاسلي | عنفَ النسورِ و رِقّـةَ المتفائـلِ |
ما كنتُ أعرفُ أنَّ تحتَ جلودنا | ميلادُ عاصفةٍ... وعرسُ جداولِ |
سدّوا علـيَّ النـورَ في زنـزانةٍ | فتوهّجتْ في القلبِ شمسُ مشاعلِ |
كتبوا على الجدرانِ رقـمَ بطاقتي | فنما على الجدرانِ مـرجُ سنابلِ |
رسموا على الجدرانِ صورةَ قاتلي | فمحتْ ملامحَها ظـلالُ جدائـلِ |
وحفرتُ بالأسنانِ رسـمك دامياً | وكتبتُ أغنيـةَ العذابِ الـراحلِ |
أغمدتُ في لحـمِ الظـلامِ هزيمتي | وغرزتُ في شعرِ الشمـوسِ أناملي |
والفاتحـونَ على سطـوحِ منازلي | لم يفتحـوا إلا وعـودَ زلازلي! |
لن يبصـروا إلا توهّـجَ جـبهتي | لن يسـمعوا إلا صـريرَ سلاسلي |
محمود درويش ، آخر الليل ، الأعمال الكاملة . دار العودة ، بيروت 1983 – ص 239 – 240
أولا: التعريف بالشاعر : [ محمود درويش ]
مراحل من حياته
|
أعماله ومؤلفاته
|
- ولد في قرية البروة بفلسطين عام 1941 - لجأ إلى لبنان رفقة أسرته عام 1948 - عاد إلى فلسطين سنة 1949 متسللا مع أسرته - استكمل تعليمه الابتدائي في مدرسة دير الأسد ، وتعليمه الثانوي في مدرسة “يني” الثانوية - اعتقل عدة مرات من طرف السلطات الإسرائيلية - شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين - تنقل بين عدة عواصم عربية وغربية - توفي بالولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 8 أغسطس 2008 |
|
* ملاحظة النص واستكشافه :
1- العنوان : مركب إضافي أضيف فيه ضمير المتكلم العائد على الشاعر (الياء) إلى الوطن للدلالة على ارتباطهما وعدم افتراقهما ، فكلاهما شيء واحد. والملاحظ أن لفظة “الوطن” جاءت معرفة بالإضافة للدلالة على حاجة الوطن للمواطن وحاجة المواطن للوطن ، فلا معنى لاحدهما في غياب الآخر. وتمة نقطة أخرى تدل على الارتباط الوثيق بين المنادي (الشاعر) والمنادى (الوطن) وهي حذف أداة النداء ، فلا يحتاج المنادى إلى أداة نداء تبعد بينه وبين المنادي2- البيت الأول : - تكرر فيه العنوان
- وتردد فيه ضمير المتكلم أكثر من مرة ( وطني – يعلمني – سلاسلي…) للدلالة على قرب المسافة النفسية بين الشاعر ووطنه رغم بعده عنه فيزيائيا.
- جمع بين لفظتين متناقضتين (عنف ≠ رقة) للدلالة على وضعية الشاعر وإحساسه داخل السجن حيث يتجاذبه إحساسان متناقضان : إحساس بالعنف إزاء العدو ، وإحساس بالرقة والأمل والتفاؤل بنيل الحرية وتحقيق النصر
3- البيت الأخير : – تغير الضمير من المتكلم إلى الغائب للدلالة على بعد المسافة النفسية بين الشاعر والعدو وكرهه له رغم تواجده قريبا منه في زنزانته.
- لن+ الفعل المضارع : تدل على التحدي والإصرار على مواجهة العدو
- تمة تقابل بين ألفاظ البيت الأخير فيما بينها (توهج جبهتي ≠ صرير سلاسلي) وتقابل بينها وبين ألفاظ البيت الأول [رقة المتفائل = توهج جبهتي(لأن التوهج رمز للتفاؤل) ≠ عنف النسور = صرير سلاسلي (لأن السلاسل رمز للعنف)]
- تردد الفعل المضارع (يبصروا – يسمعوا..) يدل على استمرار المعاناة والتفاؤل على حد سواء
4- نوعية النص : قصيدة شعرية عمودية ذات بعد وطني.
* فهم النص :
1- الإيضاح اللغوي :
- زنزانة : غرفة داخل السجن تتخد بشكل انفرادي إمعانا في التعذيب
- مرج : حقل يانع
- جدائل : مفردها جديلة وتطلق على جريد النخل.
2- الفكرة المحورية :
حب الشاعر لوطنه وتحديه للاحتلال ، وإصراره على الصمود والتحدي إلى حين تحقيق النصر.
* تحليل النص :
- أحداث القصة التي تحكيها القصيدة :
المقاطع
|
حيزها داخل النص
|
مضمونها
|
[1]
| البيتان : 1 و 2 | صمود الشاعر وتفاؤله بتحقيق النصر ، واكتشافه روح الوطنية لدى الفلسطينيين |
[2]
| من البيت : 3 إلى البيت : 5 | تحدي الشاعر لكل أشكال التعذيب التي واجهها داخل السجون الإسرائيلية بالصبر والتفاؤل |
[3]
| من البيت : 6 إلى البيت : 9 | رد الشاعر على المحتلين بمواصلة التحدي والصبر والصمود |
حقل الألم
|
حقل الأمل
|
عنف – هزيمتي – عذاب – زلازل – سلاسل – زنزانة – سدوا … | رقة – المتفائل – شمس – مرج – جدائل – ظلال – توهج … |
- الأفعال وردود الأفعال في القصيدة :
الأفعال
|
ردود الأفعال
|
- سدوا… - كتبوا… - رسموا… | - نما… - محت… - كتبت… - حفرت… - أغمدت… - غرزت… - لن يفتحوا… - لن يبصروا… - لن يسمعوا… |
* التركيب والتقويم :
النص رسالة ضمنية موجهة إلى الذين يعنيهم الأمر، فهي موجهة أولا إلى المواطن الفلسطيني لتشجيعه وتوجيهه إلى مزيد من التحدي والمقاومة ، وموجهة ثانيا إلى الوطن للتعبير عن مكانته السامية والاستعداد للتضحية بالنفس من أجله ، وهي موجهة ثالثا إلى العدو للتعبير عن كرهه وعدم الاعتراف به ، وتحديه بالصبر والمواجهة والتفاؤل.*** يزخر النص بعدة خصائص فنية منها :
- الطباق : - ظلام ≠ نور - رقة ≠ عنف
- الجمل الفعلية : للدلالة على حركية الشاعر ووجوده رغم كيد العدو (أغمدت – حفرت – غرزت)
- أسلوب النفي : للدلالة على الإصرار والتحدي والرفض القاطع (لن يبصروا – لن يسمعوا…)
- الرموز : – سنابل : ترمز للخصب والخير - جدائل : ترمز للصبر والشموخ والصمود…