الاختبار الموحد المحلي في مادة اللغة العربية / دورة يناير 2011
أسطحة البيوت في المدينة مازالت مثقلة بالثلوج التي تراكمت فوقها خلال الأيام الأخيرة، وسكان المدينة يستعدون لمواجهة موجات البرد التي لم تعتد المدينة عليها إلا منذ سنوات قليلة، ويكفي أن تنظر من النافذة لتلاحظ تأهب السكان لمواجهة الاحتمالات القادمة...ومع كل ذلك فإن الاستعداد للاحتفال برأس السنة الجديدة يجري كالمعتاد في الكثير من بيوت المدينة.. إعداد الطعام، وأشرطة الموسيقى والتأهب للذهاب إلى مكان ما وارتداء الملابس الجديدة.... وغيرها من المظاهر التي بدأ السكان يهتمون بها في السنوات الأخيرة.
في المطبخ تراكمت أنواع المأكولات، وفي الصالة الرئيسية وضعت آلة التسجيل، وتخاصرت العديد من المناضد ليوضع فوقها الطعام والفواكه التي أعدت لهذه المناسبة وارتفعت ألسنة اللهب في الموقد الكبير الذي يتوسط الصالة الرئيسية ، وعلى شاشة التلفاز بدت مظاهر عديدة: أضواء.. وأشجار مزينة، وحلبات تزدحم بالراقصين، وموسيقا تصم الآذان، وشبان يتحدون الثلوج ويعلنون عن فرحهم بوسائلهم الخاصة...
تناهضت أمي ببطء شديد وبعد أن جاست وجوهنا جميعاً بعينين غائرتين، أدارت قرص التلفاز نحو محطة أخرى لسماع نشرة الأخبار كما هي عادتها في كل يوم..
بدأت الشاشة تعكس جبالاً من الثلوج تسبح في فضاء أبيض حتى ليخيل إليك أن الأفق قد اتصل بالسماء، وفي أحضان الجبال البيضاء بدا العديد من الفتحات السود التي تفضي إلى خيام غمرتها الثلوج.. تطل منها وجوه سمراء تحاول عنوة الصمود في وجه الريح وهي تحمل ملامح التحدي رغم التعب والكد والانتظار.بعضهم يحاول إشعال النار وبعضهم يكسح الثلوج عن بوابات الخيام.. والبعض الآخر يأبى السكون في محاولة لاشتعال الجسد في وجه الكون المتجلد.
وما أن انتهى العرض حتى امتلأت المآقي بالدموع وتوقفت الريح عن نقل صخب البيوت وجلبتها وتقاطعت نظرات الحزن، واشتعلت النفوس بالعديد من الاسئلة...
علي المزعل . أسرار وجه . منشورات اتحاد الكتاب العرب . 1997 . ص : 41 وما بعدها -بتصرف-